يوسف المساتي يكتب: نحو محاولة لفهم رمزيات عيد الأضحى

يوسف المساتي*

تتباين الآراء حول عيد الأضحى باختلاف المواقف والقناعات الدينية اساسا، وهو ما يجعل أغلب النقاشات مؤطرة بانفعالات تمليها المواقف الدينية اكثر من اي امر اخر، وتطبعها أحكام قيمية وسجالية أكثر منها موضوعية، واعترف هنا اني لست متخصصا ولا املك من العدة المعرفية ما يسمح لي بالافتاء في موضوع بمثل هذا التعقيد، وما سأطرحه هنا لا يعدو أن يكون محض تساؤلات وشذرات أفكار تعصف في الذهن
يلفت انتباهي الحضور الوازن للكبش في الميثيولوحيات القديمة، وارتباطه بالخلق في أغلب الثقافات سواء الأفريقية -التي لازال حاضرا في كثير من طقوسها الاحتفالية إلى اليوم- او في أغلب الثقافات والحضارات الأخرى، منذ ما قبل التاريخ كما تؤكد ذلك مئات النقوش الصخرية (خاصة في المغرب)، وقد ارتبط الكبش في هذه الثقافات بالألوهية والخلق كأخنوم الاله الفرعوني الذي كان يرمز إليه بالكبش أو رجل له رأس كبش وقرنان، وهو الذي خلق الإنسان من طمي النيل أو الفخار،
وارتبط الكبش بالخصوبة كما في الاساطير المغربية القديمة والتي تقول بخلق الكبش من طرف الألهة الأم من الحبوب، أو الإله بعل الذي كان يصور على أنه رجل بقرون كبش معقوفة، واتخذ الاله امون رع الذي كان إلها للخصوبة والشمس والريح شكل الكبش.
كما حضر في الديانات الابراهيمية حضورا بارزا فالغنم هي التي حملت آثام بني إسرائيل في العهد القديم (التوراة) وهي التي تقدم كقربان للرب حتى يتنسم رائحة الرضا، والخراف الضالة ارتبطت ببني إسرائيل في المسيحية في حين كان يسوع هو الراعي، أما في الإسلام فارتبط الكبش بفداء الله لاسماعيل ابن إبراهيم الخليل الإطار المرجعي للديانات الثلاثة في النص القرآني.
يطرح هذا الارتباط بالالوهية والتوحيد وعملية الخلق ثم الخصب والنماء والخصوبة، اسئلة عدة، إذ ألا يمكن اعتبار ان التضحية بالكبش هنا ترتبط بالبعد التوحيدي للأديان، وبالإعلاء من شان الإنساني في مقابل المتعالي، والفداء الالهي للروح الانسانية؟ هل للأمر ارتباط بفكرة الفداء الإلهي للإنسان التي عرفت تجليها الاكبر في الديانة المسيحية؟
هي بعض من تساؤلات وافكار شاردة تعصف بالذهن اتقاسمها معكم.

*باحث في التراث