البدالي صافي الدين… مظاهر الترييف تزحف على مدينة قلعة السراغنة
البدالي صافي الدين
ظل أبناء قلعة السراغنة منذ عدة عقود ينتظرون أن تحظى مدينتهم باهتمام من لدن المخططين المركزيين و المحليين يجعلها مركز استقطاب الاستثمارات والسياحة الداخلية والخارجية وتصبح لها مظاهر حضارية كسائر المدن التي تعرف تحولا منسجما اقتصاديا و اجتماعيا و حضاريا و ثقافيا. لكن ظلت للأسف تتلقى ضربات تلو الأخرى تجعلها تتراجع منذ بداية الستينات حينما تم دك سورها التاريخي الذي يعود الى عهد السلطان مولاي اسماعيل الذي جعل منها قلعة تلتقي فيها القوافل التجارية بين فاس ومراكش وورزازات.
ذلك السور الذي تحطم و تحطمت معه ذكريات قرون من الزمان. ثم بعد ذلك تم ردم دار الزليج التي كانت تحاكي حضارة القصور المغربية و تحتفظ بكنوز من الذهب والفضة و التي كان مصيرها مجهولا، و ما تبقى من المعالم التاريخية كباب الناعورة و المنزه و غيرهما من البنايات التاريخية التي تم الإجهاز عليها في بداية القرن العشرين حتى أصبحت مدينة بدون مرجع و لا تاريخ ليحل محل ذلك البنايات الإسمنتية بطعم التخلف، لم يبق لها من معالم الحضارة التي دشنها الفرنسيون لما اتخدوها كمركز حكم لمنطقة السراغنة زمران، إلا بعض البنايات التي تتعرض للتلاشي بالحي الإداري الذي كان يسمى بالحي الأوروبي.
لقد كانت تتميز بحدائق و اغراس نادرة وسواقي تمر بين أحياءها تسقي أشجارها و تمنحها رطوبة في الصيف، وهي تتلمس طريق الحضارة بمفهومها الصحيح بأبنائها الذين يشكلون النخبة الواعدة، تجد أمامها من يعاكسها في ذلك الطموح من الذين خططوا لها في الظلام في إطار سياسة ترييف المدن حتى تحولت إلى تجمع سكاني ضخم ذي شوارع تملأها العربات المجرورة و الكلاب الضالة و المشردين والمختلين عقليا والأفارقة اللاجئين والمتسولين و الوافدين من أصحاب درجات c 90. لم تستطع شوارعها الارتقاء إلى شوارع المدينة المتقدمة، لأنها تحولت الى جوطيات قارة وأخرى متحولة عبر عربات مجرورة تعرض الخضر أو الفواكه، اما ما أسلم من الساحات من البناء فهي تحت رحمة الباعة الجائلين.
عرفت انتشارا عمرانيا واسعا بطعم المضاربة العقارية و سياسة الريع و استنزاف الرصيد العقاري و الغابوي كما عرفت عملية ضم دواوير نشأت في الظلام كالسرطان بحماية السلطات والمنتخبين لتكتمل عملية الترييف لتصبح مدينة عبور فقط لا مدينة استقرار و تكتمل عملية تذويب النخبة حتى لا تشكل قوة معارضة.
إنه من باب الغيرة على المدن المغربية التي أصبحت تعاني من سياسة الترييف و منهم مدينتي، مدينة قلعة السراغنة، كتبت عساني أجد من يدرك معنى صرختي لانقاد مدينتي
البدالي صافي الدين فاعل حقوقي وسياسي