يوسف المساتي يكتب: لمحات عن شرعنة الفقه الإسلامي للبيدوفيليا
ذ. يوسف المساتي
تحذير: النصوص الواردة في هذا المقال مقززة جدا، وصادمة جدا جدا، وتلافيا لقائمة الاتهامات المعتادة أذكر أنها مأخوذة من أمهات كتب الفقه، وأصحابها من كبار الفقهاء والقضاء، وبه وجب التنويه والتذكير.
لا يمكن لأي إنسان سوي إلا أن يشعر بالتقزز والغضب من الفيديو المنتشر مؤخرا، غضب زاد من حدته صمت الحاضرين، ووقوع الفعل علنا وجهرا في الشاطئ وسط الناس، وأنا أشاهد ذلك المسخ، تساءلت مع نفسي، ماذا لو كان عوض ذلك “الحيوان والطفل” شاب وشابة يتعانقان فقط، بالتأكيد كانت ستثور ثائرة الكل، وسيتذكرون أن ديار الإسلام مهددة، والأعادي على الأبواب، وأن ثقب الأوزون يتوسع ويتمدد بسبب هذه الأفعال، ويتسابقون لتطبيق شرع الله (اليد)، أما مادام الأمر متعلقا بطفل ف”عين ما شافت وقلب ما وجع” راه باقي صغير.
هذا الموقف أعاد ذاكرتي للوراء أكثر من عقد ونصف من الزمن، عندما كتب إسلام البحيري مقالا وقف فيه على تناقضات البخاري في رواية زواج النبي من عائشة، وأكد أن عائشة كانت تبلغ من العمر 18 سنة، فثارت ثائرة الفقهاء وانهالوا على اسلام البحيري (1) تكفيرا وزندقة وتسفيها (2)، وانتصروا لرواية البخاري التي يذكر فيها أن عائشة كانت تلعب مع اقرانها في أرجوحة حتى وجدت نفسها زوجة للنبي.
أما بالانتقال إلى كتب الفقه، فنقف مشدوهين من هول الصدمة، ولابد من الإشارة أنني لم أقف على تفصيلات فقهية كثيرة في حد اغتصاب الصبية والصبية، فأقصى ما تم التطرق له، هو الزنا بالصبي او بالصبية مكرها ولا حد على الفاعل أو العقوبات، وفي هذا السياق أورد بعض الشذرات المنقولة من أمهات كتب الفقه.
من المثير أن الفقه الإسلامي لم يتوقف عند اغتصاب الأطفال الذكور وممارسة الجنس عليهم ولم يفصل في أحكامها، إذ لم ترد إلا بضع شذرات متفرقة حول الأمر في سياقات متفرقة، ولعل أول ما يبدو أن العبودية كانت تسقط الحد، إذ ورد في طبقات الشافعية للسبكي “أن الحد لا يلزم من يلوط بغلام مملوك له بخلاف مملوك الغير. (طبقات الشافعية الكبرى للسبكي، المجلد الرابع، ص 45) (3).
أما باقي الشذرات فقد ارتبطت بالأم من ذلك مثلا ما أورده الجصاص في كتابه أحكام القرآن: “… سألت سفيان الثوري عن الرجل يلعب بالغلام أيتزوج أمه؟ قال: لا. وقال: كان الحسن بن صالح يكره أن يتزوج الرجل بامرأة قد لعب بابنها” (أحكام القرآن، للجصاص، المجلد الثاني، ص 143 (4)، ومواهب الجليل في شرح مختصر خليل، المجلد الثالث، ص 463) (5)، ويورد النووي: “ولو لاط بغلام، لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته. ولو ملك جارية محرمة عليه برضاع أو مصاهرة، فوطئها، فإن لم نوجب به الحد، ثبتت المصاهرة. وإن أوجبناه، فلا حد عليه” (روضة الطالبين وعمدة المفتين للنووي، المجلد السابع، ص 113) (6).
نقف على هول الصدمة، فالفقه لم يفصل في حكم من قام ب”اللعب” بحرمة الطفل او الاعتداء عليه، بل المهم هو هل تجوز أمه أم لا (سالا من الدري يشوف مع امه…)، فالخلاف إذا لم يكن حول مقدار العقوبة الواجبة في حق الفاعل، ولا قدرها، بل حول أمه وبنته. بل ووصل الأمر بإيجاد مشروعية “اللعب” في أجساد الأطفال واستباحة أجسادهم دون رقيب أو مانع، في سيرة النبي، إذ أورد السرخسي في المبسوط -وغيره من الفقهاء- أنه روي “أن النبي عليه السلام كان يقبل زب الحسن والحسين رضي الله عنهما في صغرهما، وروي أنه كان يأخذ ذلك من أحدهما فيجره والصبي يضحك” (المبسوط للسرخسي، المجلد العاشر، ص 155) (7).
تصور لنا هذه الرواية الفقهية النبي محمد وهو يلاعب “زب” حفيديه كما وردت في الرواية نصا ويجره، لتصبح مؤسسة على جواز اللعب بأجساد الأطفال، واستباحتها وتتأسس عليها أحكام فقهية تشرعن الاعتداءات الجنسية على أجساد الأطفال.
هذا بعض مما أوردته الكتب الفقيهة عن انتهاك كرامة وجسد الأطفال الذكور، أما بالانتقال إلى الإناث فالفاجعة أشد وأقسى، وإذا كان غنيا عن البيان الحديث عن موقف الفقه الإسلامي من زواج الطفلة والرضيعة، فعلى سبيل التذكير أن ابن تيمية قال: “…إلا الصغيرة البكر فإن أباها يزوجها ولا إذن لها” (مجموع الفتاوى، لابن تيمية، المجلد 32، ص 39) (8).
كما أن الفقهاء لم يجدوا حرجا في جواز مداعبة جسد الرضيعة والطفلة الصغيرة فقد أورد السرخسي أنه “إن كانت صغيرة لا يشتهى مثلها فلا بأس بالنظر إليها ومن مسها لأنه ليس لبدنها حكم العورة ولا في النظر والمس معنى خوف الفتنة” (المبسوط، للسرخسي، المجلد 10، ص 155).
هذه الإباحة أسقطت الحد عمن يزني بطفلة صغيرة كما أورد السرخسي: “وإن زنى بصبية لا يجامع مثلها فأفضاها فلا حد عليه؛ لأن وجوب حد الزنا يعتمد كمال الفعل … ولأن الحد مشروع للزجر، وإنما يشرع الزجر فيما يميل الطبع إليه، وطبع العقلاء لا يميل إلى وطء الصغيرة التي لا تشتهى ولا تحتمل الجماع فلهذا لا حد عليه ولكنه يعزر لارتكابه ما لا يحل” (المبسوط، للسرخسي، المجلد التاسع، ص 75).
ولا يتعلق الأمر هنا برأي منفرد أو شاد بل هو الرأي الأغلب والأعم في كتب الفقه، إذ لم تسجل عليه اعتراضات معروفة أو شهيرة
هكذا إذا يعترف السرخسي أن الزنا (الأصح اغتصاب الطفلة يخالف فطرة الإنسان العاقل، لكن عوض أن يصبح الامر موجبا لتشديد العقوبة، يصبح مبررا لإسقاطها؛ والأكثر من هذا، وعلى غرار الزنا بالصبي كان السؤال المطروح والإشكالي في الفقه الإسلامي، هو مدى جواز الزواج من أم او ابنة الصبية التي تعرضت للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي (تم الزنا بها بالاصطلاح الفقيه)، فيقول السرخسي: “وإذا جامع صبية فأفضاها ومثلها لا يجامع لم تحرم عليه أمها وابنتها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وفي قول أبي يوسف – رحمه الله تعالى – يحرم استحسانا لوجود حقيقة الوطء بوجود إيلاج الفرج في الفرج” (المبسوط للسرخسي، المجلد التاسع، ص 76).
ولا يتعلق الأمر هنا برأي منفرد أو شاد بل هو الرأي الأغلب والأعم في كتب الفقه، إذ لم تسجل عليه اعتراضات معروفة أو شهيرة، إذ يؤكد ابن قدامة في موسوعته الضخمة “المغني أن الصغيرة إن: “كانت ممن يمكن وطؤها، فوطؤها زنى يوجب الحد؛ لأنها كالكبيرة في ذلك، وإن كانت ممن لا تصلح للوطء، ففيها وجهان، كالميتة. قال القاضي: لا حد على من وطئ صغيرة لم تبلغ تسعا؛ لأنها لا يشتهى مثلها، فأشبه ما لو أدخل إصبعه في فرجها، وكذلك لو استدخلت امرأة ذكر صبي لم يبلغ عشرا، لا حد عليها” (كتاب المغني، لابن قدامة، المجلد 12، ص 341) (9).
لا يجد الفقهاء في المساواة بين الميتة والطفلة، هكذا فالطفلة لا تصبح آدمية إلا بوصولها للسن الذي تطيق فيه النكاح، اما قبلها فهي في حكم الميتة، ومادامت كذلك فلا حرج ولا ضرر في انتهاك براءة جسدها أو جسد الطفل، وهي شرعنة علنية وفقهية لانتهاك حرمة الجسد الإنساني، وتحويله إلى متاع متاح للمتعة وللايلاج، مع حضور التساؤل الشهير عند الفقهاء هل يجوز المرور الى الام والاخت والابنة بعد الانتهاء من الضحية.
يبدو من خلال ما سبق أن حالة التطبيع المجتمعي مع ما يمارس من انتهاكات صارخة لكرامة الأطفال وأجسادهم، تجد مشروعيتها في التراث الإسلامية وفي مقدمتها كتب الفقه الإسلامي، التي اعتبرت المؤطرة لحياة هذه المجتمعات فترة طويلة من الزمن.
لا يبقى أي تعليق أمام ما تثيره هذه النصوص من تقزز إلا القول “الحاصول” داء العطب قديم، وسلملي على بتوع الشريعة الغراء، اسفخس عليكم.
(1) لم يكن اسلام البحيري أول من قال ان سن السيدة عائشة ليس دقيقا بل سبقه لذلك عدد من الباحثين.
(2) من بين المواقف المهمة كان موقف جمال الدين البنا شقيق حسن البنا مؤسس حركة الاخوان المسلمين والذي انتظم في صف البحيري ضدا على باقي الفقهاء.
(3) كتاب الطبقات الشافعية الكبرى لقاضي القضاة والمؤرخ والعلامة تاج الدين السبكي (القرن 8 ه/14م)
(4) كتاب أحكام القرآن لأبو بكر الرازي الجصاص أحد أئمة الأحناف (القرن 4ه/10م)
(5) مواهب الجليل في شرح مختصر الخليل للفقيه المالكي والمتصوف المغربي شمس الدين الحطاب (القرن 10ه/16م).
(6) روضة الطالبين وعمدة المفتين لعلامة الفقه والحديث الإمام النووي (ق7ه/13م)
(7) كتاب المبسوط لكبير قضاة الاحناف وشمس الأئمة أحمد بن سهل السرخسي (ق5ه/11م)
(8) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (ق8ه/14م).
(9) كتاب المغني لكبير فقهاء الحنابلة موفق الدين ابن قدامة (ق7ه/13م)