محمد بلعيش يكتب: وهبي صديـق الله
محمد بلعيش
اعتلى المنصّة في حضرة المريدين، بدون عمّة ولا جلباب. ثمّ أطلق حباله الصّوتيّة متوعّدا: ” نحن أقرب إلى اللّه من الآخرين، لذلك فليتأكدوا نحن مستعدّون للصّراع”. هذا الكلام ليس صادرا عن قائد ميليشيات حزب الله، ولا مرشد الجمهوريّة الإيرانيّة، ولا حتّى زعيم طالبان، بل عن سماحة الشيخ المفتي الملا وهبي.
أن تخطب في المريدين بهذا الشّكل، مرتديّا قميصا مفتوحا وبنطلون، فلعمري هذه أصالة ومعاصرة ما سبقك إليها أحد من المتطرّفين. أن تصبح صديقا مقرّبا للخالق فتلك كرامة ما بعدها كرامة. ولهذا فعليك أن تترك ذلك المنصب الكبير جدّا عليك فعلا ومجازا، وأن تلتحق بكهوف جبال الأطلس لتؤسّس الزّاويّة ” الوهّابيّة الوهبيّة”.
الملّا وهبي أقرب إلى اللّه من أمير المؤمنين، أقرب للّه من النّسّاك والعبّاد، أقرب للّه من جدّتي الأميّة، أقرب للّه منّا جميعا. الملّا وهبي هو الزّعيم الجديد للفرقة النّاجيّة.
واحد أراد أن يعيد تربيّة الشّعب، والآخر يدّعي أنّه صمّام أمان، وثالث يقول أنّه صديق الله
ألّا يفرّق رجل السّيّاسة بين الشّجاعة والوقاحة، فتلك مأساة إغريقيّة أخرى. ألّا يميّز رجل السّيّاسة بين النّقد والاستفزاز فذاك سهم آخر في خاصرة الوطن. أن يتهكّم رجل السّيّاسة على الشّباب الّذي ترك السّيّاسة اشمئزازا من السّاسة، فذاك دليل على سقوط صفة “رجل الدولة” عنه، وأنّه بات لا يساوي حتّى جزمة أتفه تافه في هذا الوطن.
لقد بلغ السّاسة في هذا الوطن، الدّرجة الصّفر في كلّ شيء. واحد أراد أن يعيد تربيّة الشّعب، والآخر يدّعي أنّه صمّام أمان، وثالث يقول أنّه صديق الله، وغيرهم كثير.
شرذمة تسيء إلى مؤسّساتنا، إلى تاريخنا، إلى صورتنا أمام المنتظم الدّولي. شرذمة لا تخرج للتّواصل، وعندما تخرج فهي لا تعطي ضمانات لتجاوز التّحدّيّات، ولا تخفّض من مستوى الاحتقان الاجتماعي، بل تخرج لتتهكّم وتستفز.
أقول لهذه الشّرذمة الّتي تتجاهل الشّعب ولا تستفيد من التّاريخ. هذا شعب يتقن جيّدا فنّ الصّبر، يحسن غضّ الطّرْف من أجل الوطن، لكن عندما ينفذ صبره، يفتح عيناه جيّدا، ولن تروا منه سوى “العين الحمرة”.
“أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي”
ومن غضبي!”
بركان في 31 أكتوبر 2022