البدالي صافي الدين يكتب أخنوش و الرحيل السياسي المطلوب
البدالي صافي الدين
تعالت أصوات ورفعت شعار”أخنوش ارحل” خلال الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها الجبهة الاجتماعية عبر التراب الوطني أومنظمات حقوقية أو جماهير الملاعب الرياضية بمناسبة المنافسات الرياضية أو على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي.
لقد تم رفع شعار “أخنوش ارحل” منذ بداية سلسلة ارتفاع أسعار المحروقات وما نتج عنها من ارتفاع يومي لأسعار المواد الاستهلاكية كلها حتى مواد التنظيف ومواد البناء وقطاع الغيار والنقل ومواد العلف والتسميد، لكن الأغلبية الحكومية غضبت من هذا الشعار، بل منهم من فقد صوابه وأصبح يتكلم كالذي يتخبطه الشيطان من المس، لأنهم ظلوا يحمون الفساد و يدافعون عن الغش،ومنهم من نعت المطالبين بالرحيل بالأبواق المأجورة ضد الحكومة لتصفية حسابات سياسية ليس إلا.
والغريب في الأمر هو ظهور رئيس مجلس النواب في صفة غير صفته الشرعية كرئيس لمجلس النواب وثالث شخصية مسؤولة في هرم الدولة بعد الملك ورئيس الحكومة، فوصف المغاربة بالمرضى، لأنهم عبروا عن رأيهم بشكل حضاري وبكل بعد سياسي وأخلاقي، حول غلاء المحروقات عبر المواقع الاجتماعية و “الهاشتاغ”.
بعدما دأبت الحكومة إلى قمع الاحتجاجات والمسيرات السلمية التي تعبر عن رأي الجماهير الشعبية، مع العلم أن السيد الرئيس مسجل عليه التماطل والتهرب من تأدية ملايين الدراهم من ضرائب مستحقة عليه، وهو الذي عليه حماية مال الدولة من النهب والاختلاس والتبديد من خلال مساءلة الحكومة وهو الذي كان عليه مساءلة الحكومة عن أسباب ارتفاع الأسعار دفاعا عن الشعب وليس دفاعا عن أخنوش أو عن لوبيات المحروقات ولوبيات الفساد وتهريب الأموال.
إن وصف رئيس مجلس الأمة المغاربة بالمرضى لن يقبله الشعب المغربي الذي ظل وفيا للمؤسسات الدستورية ما دامت تحترمه و تخطط من أجله، لقد نسي الرئيس أو تناسى أنه رئيس للبرلمان المغربي الذي يمثل جميع المغاربة والمغربيات والمسؤول عن حماية حقوقهم الدستورية في مقدمتها حرية التعبير أولها وآخرها، لكن الأغلبية الحكومية غضبت من هذا الشعار بل منهم من فقد صوابه و أصبح يستعمل لغة المراهقة السياسية دفاع عن الحكومة.
لقد نسيت الحكومة وأغلبيتها ان ‘”الميا تكذب الغطاس” كما يقول المصريون لما قالوا لنا عند تنصيبها بأنها حكومة كفاءات، فإذا بها أمام الواقع العنيد وأمام المتغيرات الدولية و المناخية أصبحت حكومة بلاغات وحكومة الهروب الى الأمام مما عكس عجزها عن التدبير العقلاني و الجيد للشأن العام، فهي لم تستطع مواجهة ارتفاع أسعار المحروقات لأن صاحب أكبر شركات توزيع المحروقات على الصعيد الوطني هو رئيس الحكومة وهو الذي يحمي لوبيات هذا القطاع، لم تستطع الحكومة مواجهة ارتفاع الأسعار لأنها لا تريد محاربة الفساد و نهب المال العام لما سحبت مشروع قانون ضد الإثراء غير المشروع وتجميد اتفاقية مكافحة الفساد و الرشوة.
كما أنها دأبت على تشجيع اقتصاد الريع و سياسة الامتيازات لفائدة اللوبيات المالية والعقارية التي تحتاج الى التربية على المواطنة وليس المواطنين والمواطنات، كما ادعى أخنوش.
إن الحكومة مطالبة بالاستماع إلى نبض الشارع والتفاعل معه بشكل ايجابي وليس بالرد الذي يتنافى والأخلاق السياسية، إنها مطالبة بمراجعة المنظومة المالية باتباع سبل التدبير العقلاني لميزانية الدولة، أي التقليص من ميزانية التنقلات الوهمية ومن اقتناء السيارات الفارهة لفائدة الوزراء و المجالس الجهوية و الإقليمية و المحلية، و مراجعة نظام التعويضات حتى تكون منسجمة مع المردودية المرجوة و إعادة النظر في تعويضات التنقل حتى تكون للمصلحة العامة و للضرورة، و التقليص من المكاتب الوطنية والتي تستنزف أموالا طائلة دون نتائج تذكر وإدراج الصناديق السوداء في ميزانية الدولة للاستفادة منها و مراقبتها، و استرجاع الأموال المنهوبة .
إن شعار” ارحل” هو تعبير حضاري يعكس مدى وعي الشعب بالمرحلة الراهنة و يدرك تماما من يتآمر عليه و بالمؤامرات التي تحاك ضده منذ الاستقلال، فعلى حكومة الكفاءات أن تعلم بأن الشعب المغربي هو شعب الكرامة و الإنسانية و ليس شعبا فيه مرض سوى مرض حكومة أخنوش، ارحل يا أخنوش ارحل فالرحيل هو الحل الأفضل للبلاد و العباد.