الدكتور أوشن يكتب : التزوير التاريخي للأنساب الشريفة بالمغرب…(من مستندات الدولة العلوية)
إخباري – الدكتور اوشن
في كل مرة تظهر حركة تنويرية و تثقيفية في المغرب تعمد إلى تصحيح المغالطات التاريخية حول الهوية المغربية، تخرج جماعة الاشجار و الازهار للتباكي على هؤلاء الذين يبحثون في حقائق التاريخ، لإغلاق الملف و العودة لنقطة الصفر منصبين انفسهم في أعلى الهرم الإجتماعي، و حجتهم هي تلك الشجرات التي يملكونها فلا يمكنك معاكسة الاشراف و إلا نالت منك لعناتهم المقدسة، ومن الغريب جدا إتهام كل مجدد و متنور و باحث و منقب في التاريخ، عند نقد وهدم الاساطير والاصنام التي صنعها الجهل بالعمالة الأجنبية، وخاصة هؤلاء من مدعي الشرف، و كأن الشرف يكتسب بجرة قلم و ليس بأعمالنا، و كأنهم لم يتعلموا من الإسلام شيئا.
وهؤلاء ممن يدعون علينا الشرف و العلا في المقام، هم انفسهم عندما تذكرهم بحقيقة من نحن يسارعون ليكتبوا لك [لا فرق بين عربي و عجمي الا بالتقوى]، فاين تذهب التقوى عندما يفاخرون علينا بنسبهم و شرفهم هذا ونزعتهم العنصرية تدركها دون أن يتفوهوا بحرف، أم أن تلك التقوى تأخذ إجازتها هنا؟!، فعوض مناقشة الأدلة التاريخية و العلمية، يسارع هؤلاء للفذلكة وتحوير الكلام والتلاعب بالمصطلحات، و الأهم هو التخوين وهم جيدون في هذا، في عاطفة هوجاء لوهم وحدة لا توجد إلا في عقولهم، فأي وحدة هذه ترى فيها نفسك أعلى مقاما من الاخرين!؟.
وأمامكم مثال جيد في هذا المقطع، فهذا المتعجرف الذي يتكلم بكلام أكبر منه، لكي يمنع نواقل الدماغ التي تحرض فيه نزعة البحث و كشف المخفي في غريزة بشرية معلومة، يقمعها بعاطفته وأنانيته الطفولية المكرسة تاريخيا عن طريق خوفه من كشف الحقيقة، ودمار كم هائل من الاساطير الاجتماعية وفق عجرفة تاريخية لهؤلاء من مدعي الشرف.
ويدعي هؤلاء عند قمعهم بالوثائق و الدلائل اننا كلنا من آدم، و لا فرق بيننا كلنا مسلمين، و لكن في نفس الوقت، لا تجدهم الا يفاخرون على الأخرين بهذه الأنساب، اليس غريب هذا المنطق ايها السادة؟ اين تختفي كل تلك المقولات الرنانة و الجميلة و تظهر تلك العنصرية المقيتة؟
في إطار كشف الحقائق التي قد تعيد للمجتمع بعضا من إتزانه الهوياتي، ويعود البعض إلى رشده والتفكير قبل قول الحماقات، نأخذكم اليوم إلى أحد المصادر في تاريخ الدولة العلوية، و مؤرخها العظيم [ابو القاسم الزياني] في كتاب “” تحفة الحادي المطرب في رفع نسب شرفاء المغرب“”!
و يعتبر ابو القاسم الزياني وهو االوزير المغربي لسلاطين العلويين و هو من الثقات في تدوين تاريخ المغرب السياسي كمؤرخ، و رسالته هذه في الانساب الشريفة من أهم ما تم تدوينه، حيث كانت تعتبر الأنساب في المغرب سابقا بمثابة الحالة المدنية حاليا!
و يكشف لنا المؤرخ الزياني حقيقة ما آل إليه تزوير الشرف وإدخال من لاشرف له في الأشراف حتى صارت الرعية كلها من الأشراف، فيقول ابو القاسم عن ظهور هؤلاء :”” لكنك لا تكاد تجد رسما من رسوم أهل الدعاوي المكذوبة إلا وعليه خطوط العلماء وأشكال الشهود وثبوت القضاة، وإمضاء النقباء، وهم محكوم عليهم ببطلان شرفهم في القديم، منبه على ما بأيديهم من الرسوم المزورة والشجرات المستعلمة والظهائر المفتعلة.
و يؤكد ابو القاسم هنا عن تدليس الانساب و فسادها حتى صار كل من هب ودب شريفا، كما سنرى سيقوم الزياني بكشف هؤلاء في كل الفترات إلى فترته، فيقول :”” وبعد أن ينزع ذلك من أيديهم وقت الأحكام، يجددونه في زمن الفترة وخلو الوقت من المملكة، فبسبب ذلك #فسدت_الأنساب وتساوت الأحساب””!!
وينتقل #الزياني للكلام عن أمر الأشراف في المغرب فيقول في ظهور فساد المدلسين:”” وكذلك كان شأن النقابة بالمغرب أو قريب منه أيام لمتونة والموحدين وبني مرين والسعديين إلى أن مات المنصور منهم، واشتغل أولاده بالحروب على الملك، فأهملوا أمر الأشراف والنقباء، بل أمر الرعية كلها””!!
ويؤكد #الوزير_الزياني ان نقابة الاشراف صارت بيد المدلسين و المزورين الذين يقبضون الرشاوي و المبتدئين الذين كان غرضهم دنيويا :”” وصار يتولى النقابة من لا علم له ولا معرفة بالأنساب، بل صارت النقابة منصبا #دنيويا يتوارث ولدا عن والد، ويتولاه جهلة الناس ومن لا يخاف الله . وصار النقيب #يجبي_منه_المال، ويقبض #الهدايا_والرشا، ويلحق بأهل البيت من لا #نسب_له فيهم ولا اتصال له بهم. وانتشر ذلك في الرعايا وعرفوا طرقه. وعمروا سوق النقباء، وقربوا لهم كل بعيد ويدلونهم بحبال الغرور فسامه كل أحد كما قيل””!!!
و يشرح الزياني ما وصلت له حالة نقابة الاشراف حتى سما النقباء باللصوص :””ويكتب لهم النقباء على الرسوم المزورة، ولا يحتاجون لثبوت قاض ولا لتصحيح العلماء، وصار القضاة إذا وقفوا على رسم [عليه] خط النقيب أو ختمه، أثبتوه ولم يبحثوا فيه، وكأنه وحي أوحي، ولا يتولى النقابة اليوم إلا اللصوص الذين اتخذوها متجرا ومكسبا يشترونها من أهل المناصب السلطانية يلبسون على ملوكهم، وكل من سامهم من الدخلاء بثمن بخس باعوه.””!!!
و هكذا استمر الحال إلى ظهور السلطان إسماعيل الذي أوقف هذا التزوير لأن المغاربة كلهم تقريبا أصبحوا شرفاء و في ذلك يقول :””واستمر الحال على ذلك إلى أن مولانا الرشيد، بل إسماعيل رحمه الله، فوجد أمر الأشراف_مختلا، وكادت الرعايا أن تصير كلها أشرافا، فلما رأى ذلك، صار كل من يأتيه من الأشراف يخرجه من الرعية ويدفعه للوداية أو قواد رؤوسهم أو لعبيد الدار، ويقول لهم : “لا تدفعوا زكاتكم وأعشاركم مع العامة فادفعوها لأخوالي أو لع بيدي أو لقوادي”، فغرقوا في بحر العطاء، كانوا يدفعون مع العامة ( مرة في السنة ) ، فصاروا يدفعون في الفصول الأربعة وأمر السلطان أعيان شرفاء أهل العلم وعلماءهم وقضاة القبائل وأعيانهم أن يعينوا شريفا فقيها عالما بأنساب الأشراف“”!.
و تميزت هذه الحملة السلطانية التي قام بها السلطان إسماعيل بتجريد هؤلاء مدعي النسب الشريف من شرفهم، و هذا_دليل_حصري على وقوع التدليس و التزوير في الانساب و عليه يقول الزياني :”” فقاموا لذلك، وكل قبيلة يحضر أعيانها وذوو أسنانها، فهم أعرف بمن نسبه صريح ممن هو دخيل، وكل من وجدوه من #الدخلاء، أزالوا ما بيده من الرسوم وكتبوه في دفتر، ومن نسبه صريحا كتبوه في دفتر وتركوا له رسومه وظهائره، إلى أن طافوا على القبائل كلها، وعزلوا الأشراف من المتشرفة، وكل من هو دعي دفعوه لشيخه يعطي مع قبيلته، وتوجهوا للسلطان فأطلعوه على دفتر الأشراف وعلى دفتر أهل الدعاوي الذين ردوهم لقبائلهم“”!.
فقام السلطان اسماعيل بإحراق أنساب الشرفاء و التي كانت كلها مزورة فيقول في هذه الحادثة :””ونبهوا على بطلان شرفهم، فأحرق السلطان رسومهم وأمرهم أن يكتبوا دفترا آخر يكون عند النقيب الكبير الذي بجبل العلم، ودفترا دفعوه للسلطان، فحينئذ رد الأشراف الذين عند الوداية وقواد رؤوسهم وعبيد الدار إلى الرباط في الجهاد بسبتة ، ففيه يصرفون زكاتهم وأعشارهم، والدعاة دفعهم لأشياخهم يغرمون معهم. وخمدت أهل الدعاوي طول أيامه، ولم يبق منهم من ينتسب للشرف، وصلحت أحوال الرعايا من تشويشهم، وجعل نقيبا بفاس، ونقيبا بمكناسة، ونقيبا بمراكش“”!!.
نعم أيها السادة كما ترون، فإن عادة الانتساب للاشراف ليست دليلا أنك من سلالة النبي محمد، و هذا السلطان العلوي نفسه يقوم بنفسه بحملة كبيرة حول هؤلاء المدعين، و الذين استغلوا وجود هذا النسب و القدرة على الرشوة، للدخول فيها لما فيه من المزايا كما ذكر ابن خلدون.
فبهذا النسب يمكنك أن تلغي التجنيد الاحباري، وأن تتبوأ مكانة عالية في المجتمع، وأيضا ألا تدفع الضرائب للدولة، وهذا السبب اصلا، هو ما دفع العديد من القبائل الأمازيغية للانتساب لنسب شريف وعربي، فمثلا زناتة مما فرض عليهم من قسوة في الضرائب، ادعوا الانتساب للعرب لتسقط عنهم هذه الضريبة، و هذا بنص صريح من العلامة ابن خلدون.
فالإمتيازات التي يقدمها النسب الشريف، من الطبيعي أن تجعل الكثير يطمعون به، ولكن يبقى السؤال هل توقف ذلك بعد حملة السلطان اسماعيل؟ الجواب قطعا لا، فبمجرد أن توفى السلطان عاد المغاربة لعبثهم في الأنساب الشريفة و استعمالها لغايات في نفس يعقوب.
والوزير الامازيغي الزياني يعتبر مختصا في الانساب وعلومه، واطلع على أرشيف الدولة، والخزانة، لهذا لا يوجد لهؤلاء مدعي الشرف أي وسيلة للطعن فيه، فيقول بعد أن توفي السلطان اسماعيل عادوا لتزوير شجرة الأنساب :”” واستمر الحال على ذلك إلى أن مات السلطان إسماعيل رحمه الله، وجاءت دول أولاده من بعده ، وتبدل أهل المناصب الذين كانوا في دولة إسماعيل، وجلس غيرهم ممن لا خبرة له، قام المتشرفة وأهل الدعاوي وكتبوا الرسوم وزوروا الشجرات، وقصدوا الملوك في تجديد ما كان بيدهم، ولم يجدوا من ينبه عليهم، ولا يلتفت لتلبيسهم، فجددوا ما ضاع لهم، وزادوا عليه. وكانت أيام الملوك من أولاد إسماعيل كالفترة، لا ثمرة للملك فيها“”!.
▪︎و يؤكد الزياني ان المدة التي عبث فيها المغاربة في الأنساب الشريفة طويلة جدا، و بالتالي من المستحيل إعادة الزمن للخلف، فالتراكم كبير وذلك يؤكده ما ذكره الزياني هنا على سخط الرعايا على هؤلاء الذين صاروا كلهم اشرافا :”” لم يبق معنا من يعطيها، كلها رجعت أشرافا، بنو عمنا يرثونا ونرثهم، تشرفوا علينا“”!!!
و هذا الأمر خطير على الدولة كذلك، لأن من سيدفع الضرائب؟ أعتقد أنه من الأسباب الرئيسية في انهيار الدولة اقتصاديا، و هذا هو الدور السلبي لإدعاء الشرف، فإذا صارت كل الرعايا في المقام العلي للهرم الطبقي الاجتماعي، من يدفع للدولة الضرائب و يشهب للتجنيد و الحرب…الخ، كما أعتقد أن من هنا ظهرت موجة الكسل التي أصابت المغاربة، وعدم مواكبتهم تطور الأمم الأوروبية !!.
لكل هذا، كان لابد من حركة اخرى لإيقاف هؤلاء العابثين فيقول الزياني عن الحملة الثانية:”” لم يجدوه يستأنفوا العمل في البحث عن المتشرفة في القبائل، ويطوفون عليهم إلى أن يقفوا على حقيقة أمرهم، وينزعوا ما بأيدهم ويدفعوهم الأشياخهم، ويجدد و اكناش الأشراف وحدهم، ويخرجونهم من العامة“.
وقد فضح المغاربة هؤلاء المدلسين الذين جعلوهم كلابهم على وصف الزياني لان هؤلاء مدعي الاشراف دائما ما تجدهم يجعلون انفسهم في مكانة أكبر من الاخرين فيقول الزياني عن كشف هؤلاء :”” فاستأنفوا العمل في البحث وطافوا على القبائل كلها، فكان إخوانهم يفضحونهم ويخرجونهم من بيوتهم، ويقولون “هؤلاء بنو عمنا صاروا أشرافا ونحن كلابهم”، فافتضح أمرهم، وأزيل ما بأيديهم من الرسوم والظواهر التي جددوها، ودفعوا لأشياخ قبائلهم يغرمون معهم، ومن وجدوه صريح النسب كتبوه في دفتر بالقبيلة التي هو بها.“”!!.
وهذا الزياني يؤكد بعض الإمتيازات التي يقدمها إدعاء النسب الشريف فيقول :””وأسقط عنهم ما سواها من الوظائف كالهدية والمؤونة والسخرة والعمالة، فلا يعطون إلا ما حرمه الله عليهم. واستقامت و أحوال الرعايا طول أيامه، وحمد أهل الدعاوي، ولم يبق لهم ذكر، وكل من كان يأتيه منهم، يحرق له رسومه“”!!
و كان التشديد في زمن السلطان محمد الثالث، ولكن في عصر اليزيد يخبرنا الزياني انه حدثت موجة اخرى من الفساد في الانساب و يشرح السبب فيقول :”” واستمر الحال على ذلك إلى أن مات السلطان سيدي محمد رحمه الله، وبويع اليزيد بجبل العلم، فهرعوا له من كل قبيلة وشكوا له حالهم وأن والده أزال لهم رسومهم وأحرق ظهائرهم، وهم ذلك الوقت أنصاره، أمر حاجبه ابن الزنكي وكاتبه بلعباس بن صابر أن يجددوا لكل من أتاهم من الأشراف الظهائر دون مشورته ولا كلامه“”!!.
و الزياني كما قلنا ملم بأمور الدولة و ما حدث بعصره و ها هو يهدم الأكاذيب و الأساطير بنفسه، وأن أغلبية هؤلاء ممن يدعون أنهم شرفاء ليسوا كذلك، فإما تكذيب الدولة وأعمال السلاطين العلويين لمحاربة هذه الظاهرة يا إما تصديقها، و علينا معرفة أن الحق أولى أن يتبع بدلا من عيش الخرافات!.
و نفس الأمر حدث بعصر السلطان سليمان، حيث جدد لهؤلاء مدعي الشرف إتباعا لاثر اليزيد فيقزل الزياني :”” ولما بويع السلطان سليمان ظهرت كتب اليزيد، فجاؤوه بها للتجديد عليها، فتبع آثاره في التجديد لكل من أتاه منهم أشرافا ومتشرفة، ولم يتفطن لهم إلا بعد حين.“”!!
و يكمل كلامه و يذكر لنا انهم كانوا يؤدون الرعايا والتطاول عليهم وبالتالي اشتكى الناس للسلطان سليمان بالتالي توقف عن التح جديد لهم فيقول :””وبعد تعيين ضررهم للرعايا وشكايتهم منهم كف عن التجديد لهم بعد حصول غرضهم، وتلافى أمره بفصل من فصول السياسة، كتب للعمال أن لا يعتبروا ما بأيديهم من كتبه، ويقبضون منهم الزكاة والعشر المحرمة شرعا، ولا يتركونها لشريف ولا لمتشرف“”!!.
فكيف يدعي علينا هؤلاء أن أنسابهم حقيقية، وأغلب المغاربة صاروا أشرافا، ثم يقول أنهم كانوا يفسدون و بعد هذا المنع من التجديد لهؤلاء أن المغاربة ارتاحوا من ضررهم، و لكن هذا لم يكفي لأن أهل #الزوايا_كلهم صاروا اشرافا!! فيقول الزياني :”” فانقطع كلامهم، #واستراحت الرعايا من #ضررهم، واستكانوا، ولم يبق إلا المفسدة التي حصلت في #النسب، فإن كل أهل الزوايا صاروا أشرافا، وكذلك أهل #الدعاوي. والسبب في ذلك أن السلطان سيدي محمد رحمه الله، لما كانت سنين المسغبة ، رتب يكتب الكتاب بحوالة القرويين. ولما بويع اليزيد، صار يقبض مال الإراثة”“!.
وبعد هذا الكشف التاريخي عن حقائق لا يدركها معظم الشعب المغربي، يؤكد الوزير الزياني أن السبب بسيط في بطلان أنسابهم أن المغرب الاقصى ما عمره إلا البربر و الاشراف به قطعا سيكونون أقلية، و هنا الزياني يؤكد أن غالبية الشعب المغربي أمازيغي، فلماذا يعترض الهواة ونخب المؤرخين للسلاطين العلويين يعترفون بذلك و يدمرون خرافاتهم!.
وبحجة الزياني نقضي مضجع هؤلاء المدلسين و المهووسين بالانتساب لغير نسبهم فيخرجون علينا خرجاتهم العنترية البلي دة كوجوههم فيقول :”ثم إعلم حفظك الله أن هذا المغرب الأقصى هو آخر المعمور، وما عمره إلا أجناس البربر قبل الإسلام وبعده، وهم آخر من بلغته الدعوة، وما استقر به الإسلام إلا بعد المائتين من الهجرة لبعده عن منال الخلافة الأموية والعباسية، ولم يكمل إسلام أهله إلا في المائة الثالثة في دولة بني إدريس، ولم تنقطع منه الخارجية إلا في المائة الرابعة في دولة لمتونة. والسبب في دخول الأشراف للمغرب) وغيره من الأقطار، خروجهم على بني أمية وبني العباس“.
وبعد هذا القرار قام الكثير من المغاربة بالعودة لتزوير الأنساب وتدليسها بعدما شاع ذلك في جميع البقاع المغربية، و جمع الكاتب والحاجب أموالا لا تحصى حسب الوزير فيقول الزياني :”” ففي الحين كتبوا الرسوم واستعملوا الشجرات وقصدوا المأمورين بالتجديد لهم، فكانوا معتكفين في كتب الظواهر آناء النهار والليل، وشاع خبر ذلك في المغرب، فقصده أهل الدعاوي من كل ناحية، فقبض الكاتب والحاجب أموالا لا تعد ولا تحصى، ولما أعياه ذلك، أجلس نائبه ابن منصور يكتب ويجمع له وهو يطبع طول أيام اليزيد، بلغ المتشرفة فيها أغراضهم، وملؤوا حقائبهم من كتبه“”!
ثم إن نفس الأمر حدث بعصر السلطان سليمان حيث جدد لهؤلاء مدعي الشرف إتباعا لاثر اليزيد فيقزل الزياني :”” ولما بويع السلطان سليمان ظهرت كتب اليزيد، فجاؤوه بها للتجديد عليها، فتبع آثاره في التجديد لكل من أتاه منهم #أشرافا_ومتشرفة، ولم يتفطن لهم إلا بعد حين.””!!.
يكمل كلامه ويذكر لنا انهم كانوا يؤذون الرعايا و التطاول عليهم و بالتالي اشتكى الناس للسلطان سليمان بالتالي توقف عن التجديد لهم فيقول :”” وبعد تعيين #ضررهم للرعايا وشكايتهم منهم كف عن التجديد لهم بعد حصول غرضهم، وتلافى أمره بفصل من فصول السياسة، كتب للعمال أن لا يعتبروا ما بأيديهم من كتبه، ويقبضون منهم الزكاة والعشر المحرمة شرعا، ولا يتركونها لشريف ولا لمتشرف””!!
فكيف يدعي علينا هؤلاء أن أنسابهم حقيقية وأغلب المغاربة صاروا أشرافا، ثم يقول أنهم كانوا يفسدون و بعد هذا المنع من التجديد لهؤلاء، أن المغاربة ارتاحوا من ضررهم، و لكن هذا لم يكفي لان أهل الزوايا كلهم صاروا اشرافا!! فيقول الزياني :”” فانقطع كلامهم، #واستراحت الرعايا من ضررهم، واستكانوا، ولم يبق إلا المفسدة التي حصلت في #النسب، فإن كل أهل #الزوايا_صاروا_أشرافا، وكذلك أهل الدعاوي. والسبب في ذلك أن السلطان سيدي محمد رحمه الله، لما كانت سنين المسغبة ، رتب يكتب الكتاب بحوالة القرويين. ولما بويع اليزيد، صار يقبض مال الإراثة“”!!!.
كل ما سبق كان لإنهاء هذه الحماقات، ما على مدعي النسب الشريف سوى القيام بنفس ما قامت به عائلة النمر التي تبرأت من أكاذيب الأجداد في الانتساب لغير نسب، و الاعلام عن الموضوع و التبرأ من ذلك، لأن أمام الله لن ينغعك هذا، و خاصة أننا نعلم الرأي الديني والشرعي في مسألة الأنساب، عوض الظهور بمظهر الغبي أمام الاعلام المهترأ و إبراز عضلات لا نفع لها الان، فامتيازات الأشراف انتهت للأبد.
الخلاصة إذا ؟ لا يمكننا الإعتماد على رواية أو شجرة, وإلا أصبحت أنا أيضا من الأدارسة بحكم أن أيت سغروشن أحفاد إدريس، ولكننا تأكدنا أن تلك مجرد قصص للنوم. وأن يخرج شخص في الإعلام يخبرنا بهذه القصص الغريبة في القرن 21، أمر غريب حقا، ويدعونا للتساؤل هل فعلا هؤلاء درسوا في المدارس و الجامعات؟ كيف لهؤلاء أن يتهربوا من نقاشات عقلانية تهدف للكلام عن الهوية المغربية، عبر إتهام الأخرين بالعمالة الأجنبية، كما فعل هذا العقيم فكريا، بتهربه من تساؤل بسيط للغاية هو يعلم في قرار نفسه جوابه.
لا مزيد من الهراء بعد الان، إما أن تؤكد لنا ما هي سلالتك الأبوية وحملك للجينيوم العربي، أو عليك بالصمت و أن تخرس، لا مجال لإرهاقنا بحماقاتك و أحلامك الطفولية، وكما أخبرناكم أمازيغ اليوم ليسوا أمازيغ الأمس.