أوال ⴰⵡⴰⵍ : قمة الجزائر…قمة “خلى إيران تنفعك”
الرباط – محمود عبابو
لا شك أن القمة العربية المزمع احتضانها من طرف الجزائر شهر نونبر المقبل، كانت تبدو ظاهريا كسابقاتها، فالخلافات العربية-العربية كانت ولاتزال عادة “عربية”، لكن قمة الجزائر، هذه تشبه إلى حد بعيد الديربي السياسي/الدبلوماسي بين الجارتين المغرب والجزائر، في ظل أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، عنوانها الأبرز الصحراء المغربية، فالجزائر التي خسرت ذهابا بحصة ثقيلة، كانت تمني النفس بالتأهل أو على الأقل الوصول لضربات الجزائر حين تستقبل بميدانها.
فباشرت مناورات في جميع الاتجاهات، لعل أبرزها الخطوة التونسية المفاجئة، والتي هي في الحقيقة خطوة جزائرية أوكلت للرئيس التونسي المعار لقصر المرادية في صفقة تبادل حر، حين استقبل زعيم جمهورية الرابوني ابراهيم غالي.
الخطوة التي استقبلها المغرب برد فعل شديد، يتماشى مع سياسته الخارجية الجديدة التي تتخد من قضية الصحراء المغربية معيارا يحدد العدو من الصديق، وهي الخطوة التي كانت يهدف من خلالها نظام الجنرال شنقريحة إلى بعثرة أوراق الصف العربي، وربما اختراق دول الخليج تحديدا التي لها مصالح بالمنطقة، وبالتالي المساومة وتوسيع هامش المناورة، وهو الأمر الذي أظهر بشكل بواح ضعف تقدير الجزائر لمستوى العلاقات الخليجية- المغربية، فجاء الرد الخليجي سريعا عبر بوابة مشاركة سوريا، بعد أن كانت تحظى بحد أدنى من القبول وشبه إجماع، استعمل ضدها فيتو خليجي اضطرت معه الجزائر، للانحناء، وايجاد مخرح يحفظ لون البزة العسكرية للنظام الحاكم، عبر بيانات متتالية “تدّعي” من خلالها أن سوريا قررت عدم المشاركة حفاظا على وحدة العرب.
ورقة سوريا ما هي في الحقيقة وكما أجمع على ذلك العديد من المحللين، إلا ذريعة ورسالة مباشرة للجزائر مفادها “لا قمة بدون مشاركة المملكة المغربية”، لأن دول الخليج تحديدا تعلم أن المغرب حائط صد حقيقي أمام التوغل الإيراني بالمنطقة عبر بوابة الجزائر، وأن ايران هي من أعطت الضوء الأخضر لسوريا من أجل الانسحاب لكي لا تحرج الجزائر أكثر.
وهذا الطرح أصبح في حكم الرسمي، بعد أن جددت اللجنة الوزارية العربية، التي اجتمعت اليوم بالقاهرة على هامش اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول، تضامنها مع المغرب في مواجهة تدخلات النظام الإيراني في الشؤون الداخلية للمملكة، وأشارت في بيان وبشكل صريح ولا يقبل التأويل إلى” قيام النظام الايراني وحليفه حزب الله بتسليح وتدريب عناصر انفصالية تهدد وحدة المغرب الترابية وأمنه واستقراره”، في إشارة للبوليساريو التي تنشط على التراب الجزائري وبرعاية من نظام الجزائر.
هذه اللجنة التي تضم في عضويتها كلا من المملكة العربية السعودية ،ودولة الامارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية، هذه الأخيرة التي وصف أحد دبلوماسييها، دعم الجزائر لاثيوبيا ضد بلاده في قضية سد النهضة، بالخطوة السيئة والتي جعلت العلاقات مع الجزائر تدخل أزمة صامتة. رغم استقبال السيسي للعمامرة اليوم من أجل تسليمه دعوة لحضور القمة العربية.
وجرت العادة أن ترسل الدولة المنظمة مبعوثين لكل الدول الأعضاء، والا ألغيت القمة، وهذا ما قامت به الجزائر مع كل الدول بما في ذلك المملكة المغربية، الفرق أن إعلام الجزائر دشن حملة تبريرات بمانشيطات وعناوين أقرب إلى الاستعطاف منه إلى دعوة طبيعية، علما أن بوريطة صرح اليوم أن القمة يجب أن تتحلى بالمسؤولية وتتجنب الصراعات الضيقة، ما قد يفهم منه أن المغرب سيشارك بعد أن تم حصر الجزائر في الزاوية…زاوية اسمها “خلي ايران تنفعك”.