العالم على أبواب الجوع بسبب غلاء الأسمدة والتغيرات المناخية
إخباري – وكالات
انطلقت تحذيرات أممية من خطر المجاعة الذي أصبح يهدد الملايين حول العالم، وذلك بسبب تداعيات التغيرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية، وانعكاسها على صناعة الأسمدة وارتفاع أسعار الطاقة إضافة إلى تداعيات جائحة “كورونا”.
ارتفاع أسعار الغذاء
الدكتور نادر نور الدين، الخبير الاستراتيجي بالجمعية العمومية لمنظمة الزراعة والأغذية للأمم المتحدة “فاو”، قال في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية“:
أعداد الجوعى زادت لأكثر من 400 مليون نسمة، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي، وذلك يرجع إلى ارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير وغير مسبوق.
الأزمة لا تتمثل في ندرة الغذاء، لكن المشكلة الأكبر في ارتفاع أسعار الغذاء، وهذا ما نسميه “الوجه الجديد للجوع” أو “الجوع المستتر”، حيث تكون السلعة متوفرة في الأسواق لكنها تفوق قدرة الفقراء على الشراء.
يتمثل السبب الرئيسي في أزمة الغذاء في أن روسيا وأكرانيا كانتا تتحكمان في 34 بالمئة من صادرات الغذاء والسلع الاستراتيجية، وبالتالي فإن خروج هذه النسبة من التجارة العالمية لا بد أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، ولذلك تضاعفت أسعار القمح، ووصل إلى قرابة 500 دولار للطن.
زيوت الطعام تضاعفت أسعارها ووصلت إلى 2500 دولار للطن، وإن كانت بدأت تعود الآن إلى معدلها الطبيعي الذي يتراوح بين 1250 و1500 دولار.
جاء ارتفاع أسعار البترول ليمثل عبئا جديدا على الأمن الغذائي، حيث إن البترول يمثل ثلث تكاليف إنتاج الغذاء، سواء في تكاليف الشحن والتفريغ أو الآلات الزراعية، وصناعة الأسمدة والمبيدات ومنظمات النمو، والصناعات الغذائية بالكامل تعتمد على الطاقة.
ارتفاع أسعار البترول أدى إلى ارتفاع أسعار النقل البحري من 3 إلى 4 أضعاف، فمثلا تكلفة طن القمح ارتفعت من 10 دولارات للطن إلى 50 دولارا للطن، وهو ما مثل عبئا كبيرا على الدول الفقيرة.
التغيرات المناخية
وأشار نور الدين إلى أن العالم يعاني منذ سنوات من تداعيات التغيرات المناخية، وحاليا يضرب الجفاف القرن الإفريقي “الصومال وجيبوتي وجنوب إثيوبيا وشمال كينيا”، بسبب انعدام فيضانات الأنهار أو انعدام الأمطار، وهو ما تسبب في معاناة الملايين من الجوع.
وأضاف: من جهة أخرى، فإن السيول المطرية أغرقت ثلث الأراضي الباكستانية، وباكستان هي من الدول ذات الكثافة السكانية والمنتجة للغذاء والكساء، ومن الدول الكبرى المصدرة للقطن، وبالتالي فإن غرق ثلث أراضيها يمثل ضررا بالغا بالأمن الغذائي.
وأكمل: خلال الأسبوع الجاري، بدأت السيول تضرب الهند، وهو ما سيؤثر على محصول القطن، والأمن الغذائي، خاصة أن الهند من الدول كثيفة السكان.
ولفت نور الدين إلى أن المساحات التي تطالها تداعيات التغيرات المناخية تزداد وتتسع، حيث تعرضت جنوب ألمانيا وجنوب إنجلترا للجفاف، كما تعرضت فرنسا للسيول، وهذه التغيرات يطلق عليها “الظواهر المتطرفة”، حيث تتعرض مناطق للسيول ومناطق أخرى للجفاف.
وأكد أنه ينبغي أن نشير إلى أن هناك فرقا بين الجوع والفقر، فالفقر يستطيع المواطن تدبير احتياجاته اللازمة من السعرات الحرارية للحفاظ على صحته وبقائه قادرا على العمل لإعالة أسرته، لكن من مصادر نباتية رخيصة وغير حيوانية، لكن الجوع يتمثل في العجز عن الاحتياجات اليومية من السعرات الحرارية، حتى من المصادر الرخيصة، وبالتالي تبدأ تظهر عليه أمراض سوء التغذية.
وتابع: زيادة أعداد الجوعى في العالم ضد إعلان مبادئ الأمم المتحدة في الألفية الجديدة، والذي يتمثل في القضاء على الجوع والتقليل من نسب الفقر، ولذلك فإن أهداف الألفية انهارت تحت وطأة الحرب والتغييرات المناخية وتبعات كورونا.
أزمة الأسمدة
وقال نور الدين: تمثل أزمة الأسمدة عبأ جديد يهدد الأمن الغذائي، ويرجع تفاقم الأزمة إلى الأزمة الروسية الأوكرانية وتحكم روسيا فيها بشكل مباشر، حيث إنها تصدّر 17 بالمئة من إجمالي الأسمدة للعالم، و20 بالمئة من احتياجات الغاز الطبيعي للعالم، و40 بالمئة من احتياجات أوروبا للغاز، وكل مصانع الأسمدة والمبيدات تعمل بالغاز الطبيعي.
وأضاف: وتوقفت صادرات الأسمدة من روسيا، وتوقف تصنيع الأسمدة في أوروبا نتيجة حجب الغاز الروسي، حيث إن أوروبا أصبحت مهمومة بتوفير الغاز لتدفئة الشتاء البارد، أكثر من اهتمامها بإنتاج الأسمدة أو المبيدات أو منظمات النمو.
وأكد نور الدين أن الأسمدة في الدول الفقيرة تمثل أهمية كبيرة جدا بالنسبة إلى ما يسمى “الزراعة القزمية” أو المساحات الصغيرة، والتي تنتج غذاء قليلا نظرا لضيق المساحة، لكن ارتفاع أسعارها كان أكبر من قدرة المزارعين على شرائها.
ولفت إلى أن القاعدة العامة التي تقرها منظمة الأغذية والزراعة تتمثل في أن إضافة نصف النسبة المطلوبة من الأسمدة تقلل الإنتاج بنسبة 30 بلالمئة، وعدم إضافة الأسمدة من الأساس يقلل الإنتاج بنسبة 50 بالمئة، وهو ما يؤدي إلى تدهور إنتاج الغذاء المتدهور بالأساس في الدول الإفريقية والفقيرة، بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة أو حجبها.
واختتم بالقول: الأمر الأكثر تعقيدا فيما يتعلق بالأسمدة يتمثل في “الأسمدة النيتروجينية”، لأن السماد النيتروجيني غير موجود في الأراضي الزراعية، وبالتالي لا بد من إضافته خارجيا، وحرمان التربة منه أدى إلى ضعف النبات وتدهور الإنتاج، خاصة في الدول الإفريقية وجنوب شرق آسيا.