تحليل… فرنسا وخلط أوراق المغرب الكبير
الإفريقيةحمود عبابو
تساءلت مجلة “نيوز لوك” الأمريكية، في مقال تحليلي، حول فرضية خدمة الجزائر لأجندة فرنسية تهدف إلى زعزعة استقرار شمال إفريقيا ومواجهة المصالح الأمريكية، وتعاكس في ذات الوقت مصالح المغرب، منطلقة من اندلاع الأزمة الأوكرانية الروسية، التي جعلت فرنسا تواجه تحديات جيوسياسية واقتصادية معقدة.
وقالت المجلة أن الطريق إلى موسكو، لم يعد ممكنًا لفرنسا، ما لم يكن بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبقية الدول الغربية، كما أن باريس لم يعد لديها الكثير من خيارات الطاقة (الغاز على وجه الخصوص)، وهو مادفع الاليزيه إلى استغلال تدهور العلاقات الجزائرية الإسبانية، واعتراف إسبانيا بسيادة المغرب على الصحراء، وبادرت إلى البحث عن تسريع تقارب المصالح مع الجزائر، ففرنسا تحتاج الغاز الجزائري أكثر من أي وقت مضى، وتحتاج الجزائر إلى تعويض إسبانيا بعميل أوروبي.
كما أن فرنسا تدرك جيدا أن سعر الغاز الجزائري لن يكون دائمًا ماليا، بل سياسيا أي كل ما يتعارض مع المصالح المغربية، بشكل سري ومتشابك، لأن فرنسا لم تكن راضية أبدًا عن التقارب المغربي الأمريكي، تمامًا كما لم يكن اعتراف إسبانيا وواشنطن بالصحراء المغربية أخبارًا جيدة بالنسبة لها.
وما زيارة ماكرون للجزائر، إلا إعلان صريح عن اتخاد الجزائر كأفضل حليف لتمرير خطتها لزعزعة استقرار شمال إفريقيا، والوقوف في طريق التدخل الأمريكي في القارة الإفريقية عبر البوابة المغربية.
ومن جانب اخر، فغياب المغرب عن القمة الأفريقية اليابانية، خدم في المقام الأول مصالح فرنسا، لأنها لن تقبل أبدا تسلل منافس قوي مثل اليابان إلى الأسواق الأفريقية بشكل عام والمغربية بشكل خاص، على اعتبارها بوابة افريقيا.
هذه القمة التي غاب عنها المغرب، بسبب خطوة قيس سعيد، هذا الأخير يحتاج إلى تعزيز سلطته وقمع خصومه والسيطرة على الساحة السياسية الوطنية، واختياره الاصطفاف إلى جانب الجزائر ضد المغرب ليس نتيجة صدفة، بل سياسة بدأت ملامحها تتكشف منذ زيارة الرئيس الجزائري لتونس ثم زيارة قيس سعيد للجزائر وفرنسا.
ومن خلال كل هذه المناورات، تريد باريس فرض نفسها على دول المنطقة باعتبارها الشريك الاقتصادي الوحيد، مستعملة أدوات ضغط محددة، كملفات حقوق الإنسان ضد قيس سعيد والرئيس الجزائري وفي الوقت نفسه، تتمسك بموقفها الغامض بشأن مسألة الصحراء لمقايضتها مع المغرب والجزائر على حد سواء.
فخلال الندوة الصحفية التي جمعته بتبون، لم يذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قضية الصحراء، وهو ما يفسر عدم رغبته في الخروج من دائرة الغموض والحفاظ على الباب شبه مغلق، لضمان خط العودة مع الرباط،وهو ما يبرر كذلك إعلانه عن نيته زيارة المملكة المغربية في أكتوبر المقبل.
وهكذا، تشير جميع المؤشرات إلى تورط فرنسا الخفي والذكي في استغلالها للصراعات المغاربية، لضمان استمرار الاستفادة من مستعمراتها السابقة، وهي سياسة قد لا تخدم مبادئ الجمهورية ولا تتوافق مع شعارات الديمقراطية، وبالتأكيد لا تأخذ في الاعتبار مصالح ومستقبل سكان المنطقة المغاربية، بل تحمل شعار “فرنسا أولا”.