من هنا يبدأ الخبر

البدالي صافي الدين يكتب… مدينة قلعة السراغنة و المآسي اليومية 

البدالي صافي الدين

أعود لأكتب على مدينة قلعة السراغنة، لأنها مدينتي وهي مسقط رأسي وبها افتخر، أغار عليها غيرة العشاق، لأنها مهد المقاومة ضد الاستعمار الغاشم ومهد العلماء الذين ساهموا في البحث العلمي وطنيا وعالميا، اغار عليها لأن أبنائها حملوا السلاح ضد الاستعمار وتصدوا لعملائه وسجلوا اسمها في سجل تاريخ الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال.

أغار عليها لأنها أنجبت رجالا يشهد لهم بالنضال والتضحية من أجل التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فمنهم من لا يزال يكافح في صمت من أجل نفس الأهداف النبيلة ومنهم من رحل عنا ونذكر منهم سي محمد بالفاسي، ميلود فتحي، عرش بوبكر، اجبيهة رحال،عبد السلام المودن، حميد ازرورة ، مصطفى اكحيري وغيرهم من الذين ضحوا من اجل مدينتهم ومن أجل الجماهير الشعبية،

أغار عليها واشفق عليها لأنها أصبحت تعاني من البؤس اليومي نتيجة التدبير العشوائي وتهافت من تولوا شأنها من أجل المنافع والمراكز والمصالح الشخصية والاغتناء غير المشروع.

لقد قاموا بتجريدها من احزمتها الخضراء لفائدة شركات التجزئ التي لا تراعي أي توازن بيئي ولا ايكولوجي ليجعلوها مدينة عارية من أبسط الأشجار الوقائية من الحر و من هبوب الرياح، لقد حولوها الى مدينة ريعية حيث عدد من المسؤولين يستفيدون من رخص العربات المجرورة أو من رخص الكوتشيات او من إتاوات احتلال الملك العمومي او من بقع أرضية في كل تجزئة سكنية، فعم البؤس في الشوارع و الانفلات الأمني وتنامي ظاهرة الانحراف والتطرف وظاهرة المشردين المهجرين والمهاجرين الأفارقة والمختلين عقليا الذين يقدف بهم في المدينة ليلا من مدن أخرى، والمسؤولون عن الشأن المحلي من منتخبين وسلطات محلية و اقليمية في غيبة تامة عن هذه المظاهر التي حولت شوارع المدينة الى محطات للعربات المجرورة والعربات التي تجمع النفايات المنزلية او التي يعرض أصحابها خضرا وفواكه بالإضافة إلى الاحتلال البشع للملك العمومي.

إنها مظاهر ازدادت حدتها بفعل البطالة وغياب أي اهتمام بالمدينة حتى تتطور حضاريا وحتى تتخلص من مظاهر البؤس والجريمة.

إن مدينة قلعة السراغنة لا تستحق هذه العقوبة رغم تاريخها النظيف، و لا تستحق هذا الإهمال لأنها بلاد الشرفاء والاخيار، إن حرمانها من منتزهات حقيقية ومن نقل حضري ومن الربط عبر القطار كسائر المدن التي لا توجد فيها سكة حديدية ومن جامعة كسائر المدن التي هي أقل منها كثافة سكانية وأقل منها عدد الطلبة الجامعيين، يعتبر جريمة في حق هذه المدينة التي أرادوا لها أن تكون مدينة بؤس بعد أن كانت مدينة أمن وأمان.

البدالي صافي الدي

 

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط